هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خلف أسوار المجتمع - امرأة -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد العباسي
عضو معتمد
عضو معتمد



عدد الرسائل : 226
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 12/10/2007

خلف أسوار المجتمع - امرأة - Empty
مُساهمةموضوع: خلف أسوار المجتمع - امرأة -   خلف أسوار المجتمع - امرأة - Emptyالأربعاء أكتوبر 24, 2007 4:07 am

أفاقت فوجدت نفسها هنا خلف هده الأسوار العالية وخلف هده البوابة المحكمة الإغلاق أمضت طفولة بائسة ما إن أصبحت تستمتع باللعب حتى أرغمتها الطبيعة على الركون إلى جوار الجدار لتراقب الأطفال وهم يلعبون ويتطايرون يجرانها في. توسل لتشاركهم هده اللحظة التي تنسيهم مرارة الحياة فتأبى في لطف معتذرة بشيء ما, كانت غالبا ما تتأمل وتتفكر في حياتها وحلم طفولتها الذي ما زالت تتذكره أن تطير مع العصافير الجميلة, أن ترخي أطرافها فتغدو خفيفة تمكنها من الطيران بعيدا, لكنها أدركت الآن أن هدا الحلم كأحلام كثيرة من المستحيل تحقيقها.

نشأت نفيسة مثل هؤلاء الأطفال في ملجأ بسيط يحوي أثاثا مهثرئا وأطفالا في عمر الورود ما زالت تتفتح براعمهم, احتكت مع الحياة البسيطة فيه مرت فترة طفولتها سريعا, اختفت براءة الطفولة و سذاجتها سريعا ليحل محلها التفكير المضني, الإحساس بالواقع البئيس والتمادي في إدراك حقيقة الوضع الذي تعيشه

وهكذا استطاعت الإدراك أنها بلا أم ولا أب, طفلة متخلى عنها, لقيطة بلا عائلة ووحيدة في هده الدنيا, تساءلت كثيرا بينها وبين نفسها لما هي كذلك, ما السبب الذي يبرر لأم ترك ابنتها, التخلي عن جزء منها, ما السبب الذي يبرر ترك طفلة رضيعة على قارعة الطريق أمام ملجأ لأيتام. كرهت هدا المجتمع الذي يخول لأم أن تحرم من طفلتها وأن تحرمها منها, ارتعبت من أنها يوما لابد أن تواجهه, أن تعيش فيه, وأن تتعايش معه وأحيانا كثيرة تمنت لو أنها لم توجد لو أنها لن تحس بهده الوحدة القاتلة التي تتملكها كل يوم وكل ساعة

كانت حياة الملجأ رتيبة جدا يمر يوم يليه آخر يشبهه وهكذا دواليك وغالبا ما تملاؤ نفيسة يومها بالقراءة, أحبت المطالعة من أعماقها لأنها الوحيدة القادرة على انتشالها من الواقع إلى عالم كله ثقافة تختفي حوله معالم المجتمع وتتداعى على جدرانه المبادىء الخادعة والخصال الكذابة لمجتمع أفسدته أيادي الناس الطويلة. لكن وقبل مدة ليست باليسيرة أجبرت نفيسة على الخروج من عالم الكتاب ودلك للاستعداد للخروج للمجتمع وكانت مهمتها المختارة التمريض ورغم الخوف الذي تملكها ناضلت واقتحمت المهنة فارتبطت بها ارتباطا وثيقا حتى أنها مارستها في الجناح الطبي للملجأ وأحسنت ممارستها. وبعد دلك أعلمتها المربية أنه ما من داعي على بقائها أكتر فقد بلغت السن القانوني للخروج وهي مستعدة لدلك بعد أن تدبر لها الملجأ مهنة كممرضة في المدينة عن طريق أحد المحسنين المخلصين

أصبحت حائرة بين تطلعها لاكتشاف العالم وبين سخطها عليه, بين ولوجها حياة البشر الطبيعية, وبين عجزها عن السيطرة على الخوف الكامن داخلها. لكن لا هروب من المصير كان لابد أن تخرج ولاشيء اليوم يمكن أن يقف بينها وبين دلك

تململت نفيسة وهي مستلقية على سريرها تراجع سيرتها داخل هدا الملجأ, استرجعت كل الذكريات التي علقت بدهنها مند أن وعت على هده الدنيا إلى الآن, ادن فقد حان الوقت لترحل عن مسكنها عن منزلها الذي اعتبرته كذلك مند أعوام, عن الأمان عن هدا المكان البسيط النائي الذي يحوط سكانه برباط الألفة والاستقرار, حان الوقت لتفتح ذراعيها على العالم وتغوص في خضمه بكل ما تملك
أسئلة كثيرة وتصورات كثيرة دارت بخلدها. لم تتمكن من جمع صورة لما ستؤول إليه حياتها, اجتاحها شعور من كل جانب شعور يحمل بين طياته الداكنة يأس, سأم, غصة الفراق, الخوف, وشعور بالوحدة وبالظلمة, شعور كبير ضخم أحاطها وطوقها لم تستطع التخلص من غياهبه المظلمة ولم تستطع تحديده أو اعطاءه كلمة تحدده, لكنها عرفت بعد دلك أن أقرب كلمة تصفه هي الحزن والحزن تم الحزن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://barik-nedjma.ahlamontada.com
 
خلف أسوار المجتمع - امرأة -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الثقافية والادبية :: منتدى الإبداع الأدبي-
انتقل الى: